العرض في الرئيسةفضاء حر
الناصريون والاختراق الأمني
يمنات
محمد ناجي أحمد
في الجزء الثاني “من مذكراتي –العمل في قوات المجد ومحور تعز -1973-1980م” كتب اللواء علي محمد صلاح عن التنافس بين الأحزاب من جهة وقيادة لواء تعز بما فيها من أمن وطني واستخبارات – على الأندية الرياضية والجمعيات والمدارس الاعدادية والثانوية في منتصف السبعينيات، و كيف استطاعت قيادة اللواء، و كان حينها علي محمد صلاح قائدا لقوات المجد، و نائبا لقيادة لواء تعز – من اختراق الأحزاب، لأنها كانت ضعيفة في الجانب الأمني، مما سهل لأجهزة الأمن والاستخبارات من الدفع بشباب للانخراط فيها، بل و وصولها بعد ذلك إلى أعلى المستويات القيادية!
و حين يحدد المؤلف باستقصاء – أسباب فشل انقلاب الناصريين في 15 اكتوبر 1978م، فإنه يحدد عوامل عديدة أهمها “حصول اختراق فعلي في التنظيم في المستوى القيادي المشارك في الإعداد والتحضير والتنفيذ .. و التحرك السريع لرئيس جهاز الأمن الوطني محمد خميس الذي كان على ما يبدو لديه معلومات مسبقة وخيوط متعددة مرتبطة به، و أدت إلى رصد ومتابعة حركة الانقلاب وعناصره قبل التنفيذ وأثنائه، مما أدى إلى إرباك الحركة، و فشل التنفيذ كما كان مخططا له “لم يكن الاختراق الأمني للتنظيم الناصري مقتصرا على المستوى القيادي المشارك في الإعداد والتحضير والتنفيذ، أي المستوى المتواجد في غرفة العمليات المركزية، خلف وزارة الداخلية، فقد تم القبض بكل سهولة على “القيادات المتواجدة في مركز العمليات، التي تم رصدها خلف وزارة الداخلية على طريق المطار، منهم عيسى محمد سيف الأمين العام للتنظيم الناصري وسالم السقاف الأمين المساعد، و حاتم أبو حاتم والمحويتي ومانع التام وغيرهم…” – لم يقتصر الاختراق داخل المستوى القيادي، لكن قيادة لواء تعز كانت قد دفعت بشباب من المدارس الاعدادية والثانوية إلى داخل التنظيم، و هو ما فرخ قيادات الثمانينات!
تواصل علي عبد ربه القاضي في تعز بعلي محمد صلاح، و أخبره بوجود استعدادات للانقلاب، طالبا منه الانضمام، و ذلك قبل الحركة بأسبوع، و لم يعطه علي صلاح جوابا لا بالإيجاب ولا بالرفض..
لم يكن انشقاق عبده محمد الجندي وتنسيقه مع نظام علي عبد الله صالح من خلال علي محسن وغالب القمش، المسيطرين على جهاز الأمن الوطني – لتكوين حزب ناصري متعاون مع السلطة في بداية الثمانينات هو الرهان الوحيد للقضاء على التنظيم الناصري، بل كان الرهان على قيادات شابة من داخله، تم الدفع بها في النصف الثاني من السبعينيات للانضمام إلى التنظيم، و هو ما أوتي ثماره لصالح الكيان السعودي عند انخراط غالبية قيادات الناصريين تأييدالما سمي “عاصفة الحزم، و عودة الأمل” بل وشاركت قياداتهم بـ”حكومة العاصفة والكاذبة والأمل الخادع”! و سعى عبد الملك المخلافي حثيثا لتنفيذ رغبات الكيان السعودي في توصيف حزب الله منظمة إرهابية، و تقدم بشكاوى للأمم المتحدة يصف فيها حزب الله، منظمة إرهابية تعمل على زعزعة أمن اليمن! و نشط في تحريض وزراء خارجية الأنظمة العربية لتوصيفه حزبا إرهابيا، و محاصرته، و تشكيل قوات مشتركة، تقوم بدور الأداة التي تنفذ رغبات ومصالح الغرب، بقيادة الكيان السعودي، في تطويق إيران ومحاربة نظامها المستقل!
لم يعمل عبد الملك المخلافي على تقليص فاعلية التنظيم الناصري جماهيريا في التسعينيات فحسب بل وأفقد التنظيم كل ترابط بنيوي وعضوي، فلا اشتراكات مالية يعتمد عليها التنظيم، و لا اجتماعات تنظيمية ملزمة! أو بحسب تعبير “عبد الغني ثابت” مازجا بين المزح والجد حين قال: “سلمنا له تنظيما على امتداد اليمن فأعاده لنا داخل سلة” طبعا إضافة إلى محاربته ومحاصرته لكل الكوادر التي وجد فيها إمكانية لنهوض القوميين الناصريين في اليمن، و بموازاة ذلك عمل على تشجيع ودعم العديد من الكوادر ذات العلاقة بالأمن الوطني، كي تكون من الصف القيادي الأول في التنظيم! لقد تصرف بالدعم المالي الذي قدمته ليبيا القذافي للتنظيم الناصري في اليمن، و بملايين الدولارات على أنه مال يخصه، و لا يجوز معرفة حجمه، واستثماراته، و وقف أثناءأحداث “الربيع الغربي” في ليبيا وسوريا واليمن، بما يحقق أهداف الغرب ومصالحه في المنطقة، و يسرع من تحقيق مشروع الشرق الأوسط الجديد، الذي بشر به بيريز عام 1993م!
يكتب اللواء علي صلاح في الجزء الثاني “من مذكراتي…” عن فترة السبعينيات “خلال تلك الفترة عملنا على استغلال ضعف الرقابة والأمن الحزبي للأحزاب والتنظيمات التي كانت لا تعطي الاهتمام الكافي الذي يجب أن يكون في صدارة اهتماماتها أثناء فترة العمل السري، لوقايتها من أية اختراقات. الأمر الذي مكننا من اختراقها وعملنا على إيجاد عناصر تعمل معهم وفي أوساطه في كل مكان ومنهم من وصلوا إلى مستويات كبيرة في أحزابهم”.
عن: صحيفة لا